
تجدد منظمة معًا من أجل العدالة إدانتها الشديدة لاستمرار إخفاء الداعية السعودي والمسؤول السابق في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الشيخ سامي الغيهب، قسريًا منذ اعتقاله في سبتمبر/أيلول 2017، في واحدة من أبشع صور الانتهاكات التي يرتكبها النظام السعودي بحق الدعاة وأصحاب الرأي.
ثماني سنوات كاملة مرت دون أي تواصل، دون محاكمة علنية، دون تمكين العائلة من معرفة مصيره أو مكان احتجازه، ما يجعل القضية نموذجًا صارخًا للجريمة المركبة، حيث تنعدم الشفافية، وتتلاشى أبسط ضمانات القانون، وتُستخدم أجهزة الدولة الأمنية والقضائية كأدوات للانتقام والإخفاء.
سامي الغيهب، الذي شغل سابقًا منصب مدير قسم مكافحة الابتزاز في هيئة الأمر بالمعروف، لم يكن متورطًا في أي نشاط عنيف أو مخالف للقانون. اعتُقل في إطار حملة واسعة شنّها النظام السعودي ضد الدعاة والمفكرين والناشطين في سبتمبر 2017، وهي الحملة التي دشّنت عهدًا جديدًا من القمع والانتهاكات الممنهجة.
ورغم تداول تقارير غير رسمية عن صدور حكم بالسجن ضده لمدة 15 عامًا، لا تزال السلطات السعودية ترفض الكشف عن أي تفاصيل رسمية بشأن قضيته، أو تأكيد مصيره، في مخالفة صريحة لكافة المواثيق الدولية. وظلت عائلته ممنوعة من التواصل معه، وسط تقارير مقلقة عن ظروف الاحتجاز والانتهاكات الجسدية والنفسية التي يتعرض لها المختفون قسريًا في سجون المملكة.
تأتي هذه الجريمة المستمرة في وقت يفوز فيه النظام السعودي بتنظيم كأس العالم 2034، ويحصل على صفقات بمئات المليارات من الدولارات، كان آخرها خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة الأسبوع الماضي. ما يجري ليس مجرد تطبيع اقتصادي أو رياضي، بل تواطؤ دولي فج يغسل وجه الاستبداد بالمال ويكافئ القمع بالمكانة.
رسالة النظام السعودي واضحة: “نفعل ما نشاء، وندفن من نشاء، ولا أحد يجرؤ على محاسبتنا.” وبينما تُفتح أبواب الملاعب والصفقات، تُغلق أبواب الزنازين على دعاة وعلماء ومصلحين لا يُعرف عنهم إلا الكلمة الطيبة والنصح الصادق.
إن منظمة معًا من أجل العدالة تؤكد أن جريمة الإخفاء القسري التي يتعرض لها الشيخ سامي الغيهب، تُعد جريمة ضد الإنسانية وفقًا لقانون روما الأساسي، ولا تسقط بالتقادم. ومن هذا المنطلق، نحمل النظام السعودي المسؤولية الكاملة عن سلامته الجسدية والنفسية، ونحذر من التمادي في هذه السياسات التي قد تُفضي إلى نتائج مأساوية كما حدث في حالات سابقة.
كما ندعو المجتمع الدولي، والمؤسسات الأممية، والمقررين الخاصين المعنيين بحالات الإخفاء القسري وحرية الرأي، إلى:
- ممارسة ضغط جاد ومباشر على السلطات السعودية للكشف الفوري عن مصير الشيخ سامي الغيهب.
- السماح لعائلته ومحاميه بالتواصل معه فورًا، وتمكينه من الحصول على حقوقه القانونية والإنسانية.
- التحقيق الدولي في ظروف اعتقاله ومكان احتجازه، ومساءلة المسؤولين عن هذا الانتهاك الممتد لثماني سنوات.
إن صمت المجتمع الدولي، في ظل كل هذه الامتيازات التي تُمنح لنظامٍ مستبدٍ، يُعد مشاركة فعلية في الجريمة. لا يمكن الحديث عن الشراكة والتقدم والرياضة والاقتصاد، بينما تُسحق كرامة الإنسان في الزنازين المظلمة.
أفرجوا عن سامي الغيهب… أو أخبرونا على الأقل إن كان لا يزال حيًا.