عقد من القمع – وليد أبو الخير يواجه الموت البطيء في سجون السعودية

تجدد منظمة “معًا من أجل العدالة“ تذكير المجتمع الدولي بمعاناة المحامي والناشط الحقوقي السعودي وليد أبو الخير، الذي يقبع في السجون السعودية منذ أكثر من عشر سنوات ونصف بسبب نشاطه السلمي في الدفاع عن حقوق الإنسان، بينما يواجه اليوم خطر الموت البطيء نتيجة الإهمال الطبي المتعمد.
إضراب عن الطعام وإهمال طبي متعمد
في سبتمبر/أيلول 2025، تأكد دخول وليد أبو الخير في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجًا على رفض إدارة سجن ذهبان في جدة توفير الأدوية التي يحتاجها، رغم معاناته من مرض السكري وآلام مزمنة في القولون والبطن، ما يعرّض حياته لخطر بالغ. ويأتي هذا الإضراب بعد سنوات من تعرضه لسوء معاملة متعمدة وحرمانه من الرعاية الصحية اللازمة.
تشير تقارير موثوقة إلى أن حالته الصحية تدهورت بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، في ظل رفض ممنهج من إدارة السجن نقله إلى المستشفى، وحرمانه حتى من الدواء الأساسي، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية، بما فيها قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.
عقد من الاضطهاد والسجن التعسفي
اعتقل وليد أبو الخير في 15 أبريل/نيسان 2014 من داخل قاعة المحكمة أثناء حضوره إحدى جلسات محاكمته، بعد رفضه التوقيع على تعهد بالتوقف عن نشاطه الحقوقي. وقد أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكمًا جائرًا بسجنه لمدة 15 عامًا، إضافة إلى غرامة مالية قدرها 200 ألف ريال ومنعه من السفر 15 عامًا بعد انتهاء العقوبة.
جرت هذه المحاكمة في إطار مسيّس بالكامل، حُرم خلالها أبو الخير من أبسط حقوقه، وعلى رأسها حقه في توكيل محامٍ للدفاع عنه، وتعرض للتعذيب الجسدي والنفسي والاحتجاز في ظروف غير إنسانية أدت إلى تدهور حالته الصحية بشكل خطير.
وفي فبراير/شباط 2023، تعرض أبو الخير لاعتداء وحشي على يد مجموعة من السجناء الجنائيين بتحريض مباشر من أحد ضباط الشرطة، وبدلًا من محاسبة المعتدين، نُقل أبو الخير إلى الحبس الانفرادي رغم حالته الصحية الحرجة وقتها.
مسيرة من الدفاع عن المظلومين
بدأ نشاط أبو الخير الحقوقي عام 2008 حين أسس مرصد حقوق الإنسان في السعودية، الذي رفضت السلطات تسجيله، فأنشأ موقعًا إلكترونيًا وصفحات تفاعلية تابعتها آلاف الجماهير. ومع انطلاق المظاهرات الداعية للديمقراطية عام 2011 برز مجددًا كأحد أبرز المدافعين عن النشطاء والمعتقلين السياسيين، وواجه بسبب ذلك ملاحقات قضائية متعددة بين 2012 و2013، شملت تهمًا ملفقة مثل “إهانة القضاء” و”الاتصال بجهات أجنبية”.
رغم هذه الضغوط، استمر أبو الخير في الدفاع عن المظلومين والمهمشين، حتى أصبح رمزًا للمحاماة الحقوقية الحرة في السعودية، لكن السلطات جعلت من معاقبته رسالة ترهيب لكل ناشط يسعى للدفاع عن حقوق الإنسان.
إن استمرار احتجاز وليد أبو الخير في هذه الظروف القاسية وحرمانه من الرعاية الطبية اللازمة يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني ويُعدّ صورة من صور القتل البطيء المتعمد الذي تتحمل السلطات السعودية مسؤوليته الكاملة.
وعليه، تطالب منظمة “معًا من أجل العدالة“ بـ:
- الإفراج الفوري وغير المشروط عن وليد أبو الخير.
- توفير الرعاية الطبية العاجلة له ونقله إلى مستشفى متخصص فورًا.
- فتح تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات التي تعرض لها داخل السجن.
- ضمان حماية جميع المدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية ووقف استهدافهم.
إن قضية وليد أبو الخير ليست مجرد قضية فردية، بل رمز لواقع قمعي ممنهج يستهدف القضاء على كل صوت حر. بعد أكثر من عشر سنوات خلف القضبان، وبينما يواجه خطر الموت نتيجة الإهمال الطبي، فإن صمت المجتمع الدولي يُعتبر تواطؤًا مع هذا القمع. إن إطلاق سراحه اليوم هو ضرورة إنسانية وأخلاقية وسياسية عاجلة، ولا يمكن الحديث عن أي إصلاح أو استقرار في السعودية بينما المدافعون عن حقوق الإنسان يُتركون ليموتوا ببطء في الزنازين.



