قضيتي تغريدة: لماذا لا يلتزم القضاء السعودي بالقانون الذي يقره؟
تابعنا جميعًا السقطة الإعلامية الكارثية التي وقع فيها النظام السعودي بسبب حلقة “فن العدالة” من برنامج “النقطة العمياء” والتي بُث فيها حوارًا مع أحد المعتقلين والمحكوم عليهم بالسجن المشدد على خلفية نشره “تغريدة” على حسابه الشخصي على تويتر، في اعتراف واضح وصريح من السلطات بأنها تمارس القمع ضد أشكال التعبير السلمية.
اللافت للنظر أن المعتقل تحدث في حواره عن القانون الذي حُوكم بموجبه، وسرد نص المادة التي صدر بسببها ضده حكمًا بالسجن، قائلًا بأن التغريدات “المسيئة” يُعاقب عليها القانون بالسجن من سنة إلى خمس سنوات، والتغريدات “التحريضية” يُعاقب عليها القانون بالسجن المشدد حتى 15 سنة، لكن ما يحدث داخل أروقة المحاكم يخالف حتى هذا القانون التعسفي.
بالطبع لا يوجد منطق يوافق حرمان شخص من حريته والحكم عليه بالسجن بهذه المدد لمجرد “تغريدة”، لكن ورغم هذا، لا يحترم القضاء السعودي القانون الذي من المفترض أن يتبعه، وتأتي الأحكام مشددة وغليظة ومضاعفة ربما ضعفين أو ثلاثة أضعاف من الحد المنصوص عليه في القانون.
سلمى الشهاب مثالًا، اعتقلت بسبب نشرها تغريدات وإعادة نشر تغريدات أخرى من حسابات معارضين، الجريمة التي أعلن عنها النظام لم تتعد “التغريد وإعادة التغريد”، رُغم ذلك، حُكم عليها بالسجن لمدة 34 عامًا يليها حظر سفر لـ 34 عامًا في أغسطس/آب الماضي، وفي يناير/كانون الثاني المنصرم خُففت العقوبة إلى 27 عامًا، في مخالفة للقانون نفسه.
المواطن السعودي/الأمريكي سعد الماضي اعتقل لذات الأسباب وحُكم عليه بالسجن لمدة 16 عامًا في أكتوبر/تشرين الأول 2022 لكن الحُكم غُلظ من قبل الهيئات القضائية إلى 19 عامًا مع حرمان من السفر بعد انتهاء المدة، وكالعادة تأتي العقوبة مغلظة عما ينص عليه القانون.
المواطنة السعودية نورة القحطاني حُكم عليها بالسجن لمدة 45 عامًا أغسطس/آب الماضي بسبب نشرها عدة تغريدات على حسابها الشخصي، التغريدات لم تعجب النظام فاعتقلها وحرم أبنائها الخمسة منها، وبدلًا من تطبيق القانون الذي وضعه، انتهك كافة حقوقها وحكم عليها بالسجن ثلاثة أضعاف العقوبة المنصوص عليها.
الأمثلة لا تُعد ولا تُحصى في هذا المجال، معظم معتقلي الرأي في السجون السعودية سُجنوا بسبب “تغريدة” لكن النيابة العامة تُطالب بإعدامهم كما يحدث مع الداعية سلمان العودة وعوض القرني وغيرهم، أو يُواجهوا السجن المؤبد كما في حالة عبد الرحمن السدحان.
نشدد على ضرورة التدخل العاجل للجهات المعنية في المجتمع الدولي والأنظمة المختلفة لوضع حد لممارسات النظام السعودية القمعية والجائرة ضد المعارضين، وتشكيل لجنة عاجلة لفحص كافة تلك الأحكام وضمان حصول كافة المعتقلين على حقهم في محاكمة عادلة.