قمع الحريات: النظام السعودي يحذر صراحة من أي انتقاد له عبر سناب شات
يستمر النظام السعودي في تحدي الحقوق والحريات بسن قوانين وتشريعات جديدة هدفها الوحيد قمع أي محاولة للنقد أو الاعتراض على أي من سياساته وتوجهاته، وآخر هذه السقطات الصادمة بيان صدر في وقت سابق من هذا العام يُحذر المواطنين من كتابة أي منشور ينتقد السلطات على تطبيق سناب شات.
وحسب البيان فإن “أي إهانة للنظام تعتبر جريمة جنائية”، دون توضيح ماهية أو كيفية الإهانة، ليتركها فضفاضة تُحدد على هوى الأجهزة الأمنية أو القضائية المنوط بها التحقيق في الأمر.
جاء هذا التحذير بعد فترة وجيزة من إبرام صفقة “تعاون” بين تطبيق سناب شات -ومقره كاليفورنيا- وبين وزارة الثقافة في المملكة، وهي الصفقة التي أعلن عنها الرئيس التنفيذي لشركة “سناب شات” قبل فترة.
وتعود علاقات شركة سناب شات مع المملكة إلى عام 2018، عندما استثمر الممول السعودي الأمير الوليد بن طلال 250 مليون دولار في الشركة، أي ما يعادل 2.3٪ من الأسهم.
النشطاء والحقوقيون اعتبروا هذا البيان بمثابة تهديد صريح لأي انتقاد سلمي يُوجه للسلطات، بل واعتبروه أحدث أشكال سحق المعارضة في المملكة، مشيرين أن المرة الأولى التي صدر فيها هذا البيان كان في أبريل/نيسان الماضي عبر وسائل الإعلام الرسمية في المملكة ثم حُذف لسبب غير معلوم، لكن صداه لا يزال يتردد في الأنحاء بسبب تزايد حالات اعتقال مستخدمي التطبيق وتطبيقات التواصل الاجتماعي الأخرى بتهمة إهانة النظام.
وحسبما تمكنا من رصده وتوثيقه، فإن السجون السعودية تضم العشرات من المواطنين الذين اعتقلوا فقط لاستخدامهم منصات التواصل الاجتماعي في التعبير عن الرأي والمطالبة بمزيد من الحريات، سواء بالنشر المباشر أو بإعادة نشر أو مشاركة آراء معارضين ونشطاء آخرين من المقيمين في الخارج.
المطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، أو تحسين أوضاع احتجازهم، أو ضمان حصولهم على محاكمة عادلة، انتقاد البطالة، الدعوات لإرساء الديموقراطية أو ملكية دستورية، نداءات تمكين المرأة ورفع القيود المفروضة عليها من السلطات والمجتمع، جميعها مواضيع تعتبرها السلطات من المحرمات ولا يجوز الإشارة إليها أو الحديث عنها، الفضاء الإليكتروني متاح للتغريد بمدح النظام والدعاء لولاة الأمر، وإلا العواقب القانونية الوخيمة ستقف بالمرصاد لمن يفعل عكس ذلك.
من بين النشطاء الذين يواجهون عواقب قانونية الآن بسبب سناب شات، السعودية مناهل العتيبي وشقيقتها فوز، اعتقلت مناهل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لكن تمكنت فوز من السفر، وحسبما جاء في ملف الاتهام فإن سبب اعتقال مناهل هو نشرها لصورة شخصية عبر سناب شات وهي لا ترتدي العباءة السوداء، لكن لم توضح السلطات كيف وصلت إلى هذه الصورة بالنظر إلى أن إعدادات الحساب لا تسمح للغرباء بمشاهدة المحتوى.
منصور الرقيبة، الذي لديه أكثر من مليوني متابع، هو ناشط آخر من مؤثري سناب شات الذي فقد حريته منذ مايو/أيار 2022 على خلفية منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي التي أشار فيها إلى أنه انتقد سابقًا خطة رؤية 2030 الاقتصادية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وحسب مصادر مطلعة فإنه يواجه الآن حكمًا بالسجن لمدة 27 عامًا.
عشرات المعتقلين الآخرين يواجهون ذات المصير، والقضية تغريدة!، كما جاء في أحد اللقاءات التليفزيونية التي بثت عبر التليفزيون الرسمي للدولة قبل أشهر، ظهر فيها أحد المعتقلين وهو يقول بوضوح إنه يقضي عقوبة بالسجن لسنوات بسبب “تغريدة”، مشيرًا أنه يوجد غيره الكثيرين ممن يواجهون عقوبات تصل إلى 15 و20 عامًا بسبب نشر محتوى ينتقد سياسات النظام عبر منصات التواصل الاجتماعي.