
الوقت يمضي ولا يزال واقع حقوق الإنسان في السعودية في تدهور مستمر، لم يحرك المجتمع الدولي ساكناً، ولا تزال الأنظمة العالمية متمسكة بنهجها السلبي في التعامل مع الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الشعوب الضعيفة على أيدي الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط، والتي تربطها بالغرب مصالح اقتصادية وتجارية مشتركة، هي في نظرهم أكثر أهمية وذات أولوية قصوى عن حقوق الإنسان.
السجون السعودية خير مثال على ذلك، تعج بالمعتقلين السياسيين من نشطاء وأكاديميين ومفكرين وأصحاب رأي، جميعهم مشتركون في حب الوطن، لكن بطريقتهم، الطريقة التي تقوم على مبادئ الديموقراطية والرغبة في أن يتمتع الجميع بالحرية وصلاحية التعبير عن الرأي دون قيود-طالما لم يتجاوز حدود السلمية.
أحد أبرز هؤلاء المعتقلين، الناشط والمدون على مواقع التواصل الاجتماعي محمد الجديعي، الذي اعتقلته الأجهزة الأمنية السعودية في مارس/آذار العام الماضي في ظروف غامضة، وحتى الآن لم يتم عرضه على أي جهة قضائية أو السماح للأهل أو المحامي بمعرفة أسباب الاعتقال أو التواصل معه بصورة طبيعية.
لسوء حظ الجديعي، وقع اعتقاله إبان انشغال العالم بأزمة كورونا، حيث كانت الدولة حديثة عهد بالوباء الذي لا يزال متفشياً، ورغم المطالبات العالمية بضرورة تخفيف السعة الاستيعابية للسجون حول العالم كإجراءات احترازية للوقاية من كورونا، أبت الأنظمة العربية ومن بينها السعودية الاستجابة لهذه المطالبات، وأبقت على كافة المحتجزين في زنازينهم، بالرغم من أن كثيرين منهم لا يشكلون خطراً على المجتمع كونهم غير متهمين في قضايا جنائية أو أخلاقية، لكن الدولة تعتبرهم كذلك طالما أنهم أصحاب رأي.
في هذا الصدد، نجدد مطالبنا لمجموعات العمل المعنية في الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، وجميع شركاء النظام السعودي الدوليين من الأنظمة والحكومات، بالتدخل الإيجابي للضغط على النظام السعودي للإفراج العاجل وغير المشروط عن كافة معتقلي الرأي والسجناء السياسيين في المملكة، من بينهم الناشط محمد الجديعي، الذي خسر حريته وبقية حقوقه الأساسية لمحاولته إبداء رأيه فيما يحدث حوله.