تقارير

لينا الشريف: من غرف الطوارئ إلى غياهب السجون!

معتقلو مايو/أيار 2021، لم يختف ذكر هذه المجموعة أبدًا منذ وقوعها في قبضة الأمن السعودي بعد حملة شرسة شنها ضد النشطاء والمدونين ومؤثري وسائل التواصل الاجتماعي، المعلومة هويتهم أو المجهولة.

أحد هؤلاء المجموعة: الطبيبة لينا الشريف، طبيبة سعودية في الثلاثينيات من عمرها، كانت نشطة جدًا في مجال طب النساء لاسيما في أوقات نوبات الطوارئ، لكن جريمتها أنها كانت أيضًا نشطة على وسائل التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة والمنتديات الإليكترونية.

نشطت لينا الشريف على الفضاء الاليكتروني تحت اسم مستعار، انتشرت في غرف الدردشة المختلفة التي كانت تناقش القضايا العامة والداخلية في المملكة، كانت تعبر عن رأيها بصراحة، لم تتردد في انتقاد السياسات التي كانت تراها خاطئة، أو تصحيح المعلومات التي كان يتناقلها الذباب الاليكتروني عن إنجازات النظام والترويج له.

دورها كطبيبة جعلها مطلعة على حالات كثيرة من ضحايا العنف المنزلي وتجاهل السلطات لهذه الحالات، كانت دائمًا ما تثير هذه القضية وتطالب المسؤولين -تحت اسم مستعار بالطبع- للتحرك وإنقاذ النساء من عنف أولي الأمر، وبالرغم من ادعاء السلطات وعلى رأسهم ولي العهد أن العصر الحالي هو عصر التحرر من قيود الماضي وعلى رأسها العنف المنزلي، لم يرق للمسؤولين كلام لينا فاعتقلوها.

هنا كان خطؤها، لقد حاولت التعبير عن رأيها في دولة لا تعرف سوى الإخراس، حاولت التحرر في دولة لا تعرف سوى القمع، ولأنها طالبت نظام مستبد بإرساء قواعد الديموقراطية، وجدت نفسها بين عشية وضحاها رهن الاحتجاز التعسفي، قُبض عليها بعد عشرات التهديدات والإنذارات التي كانت تأتيها من الذباب الإليكتروني التابع للنظام.

ظلت أخبار لينا منقطعة تمامًا لمدة أربعة أشهر، وفي سبتمبر/أيلول 2021، وردًّا على بلاغ أرسلته مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري، كشفت السلطات السعودية أن لينا محتجزة في سجن الحائر سيء السمعة، وأحد أبرز المنشآت الأمنية التي تخضع لإجراءات أمنية قصوى ويبلغ مساحته 19 مليون قدم مربع تديره الشرطة السرية السعودية، ويُحتجز بداخله عشرات السجناء السياسيين.

وحسب ما ورد في رد السلطات السعودية، فإن لينا اعتقلت بموجب مادتين من قانون مكافحة وتمويل الإرهاب، وهو قانون مثير للجدل صُدق عليه مع صعود ولي العهد إلى السلطة، لتكن هذه هي أول وآخر معلومات تفصح عنها السلطات بخصوص لينا التي لا تزال رهن الاختفاء القسري حتى يومنا هذا.

إننا ندين وبأشد العبارات ممارسات النظام السعودي ضد حرية الرأي والتعبير، والتوسع في استخدام سياسة الاختفاء القسري التي وبكل أسف لا يوجد في المملكة تشريعات قانونية محددة تُجرم هذه السياسة أو تضع لها سقف.

ونطالب الجهات المعنية دوليًا بالتدخل العاجل للضغط على النظام السعودي لإجلاء مصير كافة المختفين قسريًا، كما ندعو أصحاب الضمائر الحية حول العالم بتشكيل رأي عام قوي يضغط على السلطات من أجل الإفراج عن السجناء السياسيين، الرجال والنساء والقصر، ونطالبكم بعدم التوقف عن التدوين عنهم وتذكير العالم دائمًا بهم وبمعاناتهم، لنكن نحن صوت من لا صوت له، من أجل تحقيق العدالة، وإرساء قواعد الديموقراطية، والحصول على وطن حر لا قمع فيه ولا تنكيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى