ملف حقوق الإنسان للواجهة بالمملكة.. تطمينا للخارج وليس إيمانا بالحريات
على مدار الأيام الماضية، بدأت الأخبار تترى من السعودية حول خروج عدد من المعتقلين السياسيين كانت في مقدمتهم الناشطة النسوية لجين الهذلول والناشطة نوف عبد العزيز وغيرهما، مما عزا بصحف دولية للحديث عن “انفراجة وشيكة” بملف حقوق الإنسان بالمملكة.. لكن، ما مدى جدية هذا الطرح؟
البداية من منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية، التي طالبت السلطات السعودية بتشريعات جديدة ترسخ حقوق الإنسان، وتمنح الأطفال حق حرية التعبير والمشاركة في الاحتجاجات ضد التمييز الحكومي. واعتبرت أن تخفيف السعودية عقوبة الإعدام بحق علي محمد النمر، وإعلان ولي العهد محمد بن سلمان أن الحكومة ستضع قانونا جزائيا في سبيل “حماية حقوق الإنسان”، يعد بصيص أمل وأن “النظام الجزائي السعودي المروع” قد يتحسن.
ملف حقوق الإنسان
وفي 8 فبراير الجاري، أعلنت “هيئة حقوق الإنسان” السعودية أن السلطات خفضت أحكام الإعدام بحق النمر، والمرهون، والزاهر، إلى السَّجن عشر سنوات، وذلك بموجب قانون من العام 2018 يحظر عقوبة الإعدام بحق الأطفال الجناة في بعض الحالات، ومرسوم من العام 2020 ينص على أن يسمح بتطبيق القانون بأثر رجعي.
وكان علي النمر ورفاقه في الـ17 والـ15 من عمرهم عند اعتقالهم في 2012، بتهم تتعلق بالمشاركة في احتجاجات واسعة النطاق في المنطقة الشرقية ذات الغالبية الشيعية في المملكة. وقبل سنوات، قضت المحكمة المختصة بقضايا الإرهاب بإعدامهم جميعا، وهو ما أثار ضجة واسعة في أوساط الهيئات الحقوقية الدولية.
وقالت المنظمة الدولية إن “اعتماد قانون عقوبات سعودي يدعم الحقوق الأساسية سيشكل تحولا، لكن على السلطات عدم الانزلاق نحو حشوه بالتهم الجنائية الفضفاضة نفسها، التي تُستخدم لإسكات الانتقادات السلمية وتقييد الحقوق الأساسية”. وأضافت: “سيكون أحد اختبارات الإصلاح الجنائي الموعود الآن هو ما إذا كان سيدعم حقوق الأطفال المشاركين في الاحتجاجات ضد التمييز الحكومي، مثل علي النمر”.
ووثّقت هيئة حقوق الإنسان السعودية 27 عملية إعدام عام 2020، وقالت إنها تمثل انخفاضًا بنسبة 85 في المئة مقارنة بعام 2019. ووفقًا لمنظمة العفو الدولية، أعدمت السعودية 184 شخصًا عام 2019، وكان نصفهم من الرعايا الأجانب وستة من النساء. وتتزامن هذه التحركات الحقوقية من جانب المملكة بعد نحو أقل من شهر من وصول جو بايدن للبيت الأبيض.
ونشر موقع اكسيوس تقريرا حول الإشارات التي ترسلها السعودية لإدارة جوزيف بايدن وتعطي صورة عن استعدادها للتعاون في ملفات حقوق الإنسان واليمن. وأشار الموقع إلى حدثين في الأسبوع الماضي يؤكدان هذه الجهود وهما الإفراج عن الناشطة المعروفة لجين الهذلول التي قادت حملة لرفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة في السعودية، ولقاء وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان مع مبعوث الرئيس بايدن الخاص لليمن تيم ليندركينغ في الرياض.
وتأتي التطورات في ضوء ما صدر من تصريحات لبايدن أثناء الحملة الانتخابية والتي أتهم فيها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالتورط في جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي وتأكيده على وقف تصدير السلاح للسعوديين وجعلهم “منبوذين كما هم”. وتحرك بايدن بعد دخوله البيت الأبيض لتعليق صفقات السلاح إلى السعودية ووقف الدعم الأمريكي لحرب اليمن وإلغاء قرار إدارة دونالد ترامب تصنيف الحوثيين كحركة إرهابية.
ولم تصدر تصريحات علنية ناقدة من السعودية للتطورات الأخيرة ويحاول قادتها التعامل مع الواقع الجديد من خلال المحادثات الخاصة مع الإدارة. وعلق نائب وزير الدفاع، خالد بن سلمان، شقيق محمد بن سلمان والمقرب منه بإيجابية على تصريحات بايدن التي تعهد فيها بمساعدة السعودية للدفاع عن نفسها. وناقش وزير الخارجية مع ليندركينغ سبل التوصل لتسوية سلمية للحرب في اليمن.
وكان الإفراج عن الهذلول بعد عامين ونصف في السجن إشارة ثانية عن رغبة السعودية بتجنب صدام مع إدارة بايدن في موضوع حقوق الإنسان، بعد أن أثار اعتقالها شجبا دوليا. ومن ضمن المحاولات السعودية، الإعلان عن إصلاح قضائي يسمح بقانون مدني إلى جانب قوانين الشريعة الإسلامية. وجاء توقيت الإعلان عن الإصلاحات كإشارة لإدارة بايدن.
وكان انتوني بلنيكن، وزير الخارجية قد اتصل يوم الجمعة مع وزير الخارجية بعد اتصاله مع عدد من وزراء خارجية الدولة العربية، وأكد فيها على اتخاذ خطوات في مجال حقوق الإنسان وإنهاء الحرب في اليمن.
اقرأ أيضاً: الدكتور صالح آل طالب .. من إمام وخطيب للحرم المكي إلى سجين في زنازين المملكة
2 تعليقات