صحافة عالمية

هآرتس: لهذه الأسباب رفضت فيروز الغناء في السعودية!

لماذا قالت أيقونة الغناء العربي فيروز “لا” لمحمد بن سلمان!

في رد صادم بالنسبة للسلطات السعودية، رفضت المطربة الأشهر في العالم العربي اللبنانية فيروز، أو كما يطلق عليها البعض أيقونة الغناء، عرض هيئة الترفيه السعودية بالغناء في الرياض في أمسية الغناء الثلاثية أو “ليلة تريو العربية” التي أُقيمت في حفل ضخم خلال مهرجان الرياض الذي أصبح من أشهر المهرجانات الفنية في الشرق الأوسط.

الأمسية التي عُقدت أواخر يناير/كانون الثاني الماضي استقطبت المطربين المشهورين من جميع أنحاء العالم العربي في حدث جديد على نمط وسياسات المملكة المحافظة، لكن مع ولي العهد محمد بن سلمان وتركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه تغيرت الأوضاع وأصبحت المملكة الخليجية بشكل أو بآخر عاصمة لكبرى الأحداث الفنية في المنطقة.

لكن المطربة اللبنانية الشهيرة فيروز رفضت أداء الحفل الموسيقي الذي انتشر على منصات التواصل الاجتماعي تحت وسم #Trio_Night، في موقف غريب على نظرائها الفنانين، الذين يتهافتون على هذه الفعاليات أمام إغراء مبالغ مالية ضخمة يصعب رفضها.

كثيرون مستعدون للتعاون مع النظام السعودي والتغاضي عن الانتهاكات التي يرتكبها محمد بن سلمان ورجاله مقابل المال والخدمات الأخرى، لكن فيروز البالغة من العمر 88 عامًا لم تحضر المهرجان ورفضت عرضًا لتسلم جائزة من ولي العهد.

رفض فيروز المشاركة في الفعالية أثار ضجة وتساؤلات في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام العربية، ومع تساؤلات البعض حول حقيقة الأمر أجاب الأستاذ اللبناني الأمريكي أسعد أبو خليل على تويتر قائلًا إن “السعوديين عرضوا على فيروز ملايين الدولارات على فيروز للمشاركة في حفلات في الرياض، بما في ذلك حفلة يناير/كانون الثاني، لكنها رفضت”، وأكدت ريما الرحباني، ابنة فيروز، القصة في وسائل الإعلام العربية وقالت إن والدتها لن تغني في السعودية، مضيفة “إنها ستغني في لبنان فقط”.

أدى رفض فيروز للغناء في المملكة العربية السعودية إلى انفجار فقاعة الليبرالية الثقافية المزعومة التي كان ولي العهد يحاول خلقها، وبدلًا من ذلك سلط الضوء على القيم الإشكالية للمملكة، والتي سعت السلطات السعودية لإخفائها من خلال ما يُطلق عليه “الغسيل الموسيقي”، على غرار “الغسيل الرياضي”، وغيرها من محاولات التغطية على انتهاكات وجرائم النظام السعودي.

أوضح الناقد الموسيقي والمقدم التلفزيوني السوري شارل عبد العزيز في مقال في المجلة الثقافية الإلكترونية رصيف 22 أن فيروز رفضت التعاون مع النظام السعودي لأسباب سياسية تتعلق بانتقادها لسياسات النظام السعودي في مجال حقوق الإنسان.

كما انتقدت فيروز سياسة البلاد الخارجية التي فاقمت الأزمة السياسية في لبنان، واستشهدت على وجه الخصوص بقضية عام 2017 عندما استقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري بسبب ضغوط من المملكة العربية السعودية، والتي تضمنت وضعه قيد الإقامة الجبرية لمدة يومين.

فيروز ليست الفنانة الأولى أو الوحيدة التي تنأى بنفسها عن السعوديين، في استعراض لدعم المرأة السعودية، ألغت نجمة الهيب هوب ترينيدادية المولد نيكي ميناج، والتي تعيش في الولايات المتحدة، حفلًا عام 2019 في مهرجان كان من المقرر أن يقام في مدينة جدة، وحسب مصادر فإن قرارها يعود جزئيًا إلى ضغوط نشطاء حقوقيين كانوا يطالبون بمقاطعة المملكة العربية السعودية.

آخرون شاركوا في فعاليات في السعودية لكنهم حاولوا إثارة قضايا حقوق الإنسان أثناء تواجدهم في المملكة، مثل ماريا كاري التي أقامت حفلًا في جدة عام 2019، والتي أوضحت في بيان إعلامي عبر وكلائها “بصفتها أول فنانة عالمية تقدم عرضًا في المملكة العربية السعودية، تدرك ماريا الأهمية الثقافية لهذا الحدث وستستمر في دعم الجهود العالمية لتحقيق المساواة للجميع”.

وحسب هيومن رايتس ووتش فإن مطالبة كاري “بالمساواة للجميع” تضمنت قائمة طويلة من القضايا التي انتهكت فيها حقوق الناشطات النسويات في المملكة، أبرزهن كانت لجين الهذلول التي حظيت قضيتها بتغطية عالمية: اعتقلت عدة مرات بداية من عام 2018 لمشاركتها في مظاهرات أمام القصر الملكي بالرياض، وأفرج عنها في فبراير/شباط 2021، وتحرم حاليًا من مغادرة البلاد لمدة خمس سنوات.

صوت المال

الفعاليات الثقافية مثل الحفلات الموسيقية التي تُقام في الرياض تمنح النظام السعودية ختم الموافقة على الطرق التي يُفترض أنه يغير بها وجه المملكة، والتي تصاحبها العديد من الانتهاكات الحقوقية.

في عام 2021، عين الأمير محمد لجنة خاصة بميزانية 64 مليار دولار لتطوير صناعة الترفيه والتسلية والسينما المحلية، لكن كل تلك المليارات فشلت في التغطية على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018، وهي جريمة تعكس موقف الحاكم السعودي تجاه منتقدي النظام وكل من يسعى للتغيير.

أوضحت خديجة جنكيز، خطيبة خاشقجي، في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، لماذا يجب على المطربين تجنب أي نوع من التعاون مع وريث العرش السعودي، في ذلك المقال، ناشدت المغني الكندي جاستن بيبر قبل حفله الشهير في المملكة قالئة: “أناشدك لإلغاء حفل 5 ديسمبر/كانون الأول في المملكة العربية السعودية… هذه فرصة فريدة لإرسال رسالة قوية إلى العالم مفادها أن اسمك وموهبتك لن يُستخدما لتلميع سمعة نظام يقتل منتقديه “، لكن جاستن بيبر تجاهل مناشدات خديجة وضعف أمام المال السعودي وأقام الحفل.

منذ اغتيال خاشقجي، يكافح محمد بن السلمان ورجاله حملات المقاطعة التي نظمتها الجهات الحقوقية المختلفة حول العالم، لكن المال السعودي لم يفقد قوته بعد، ولا يزال بن سلمان رغم بعض الإخفاقات يحقق نجاحات في محاولات “غسل سمعته” عبر الفن والرياضة خاصة بعد ضم كريستيانو رونالدو لنادي النصر السعودي.

خطاب محمد بن سلمان حول مقتل خاشقجي بدأ يأخذ لهجة أكثر تحديًا، بدلًا من الندم والاعتذار، أصبح يلوم الأمريكان على “تسييس قضية خاشقجي” مستشهدًا لا يهتمون بالصحفيين الأمريكيين الذين يتعرضوا لانتهاكات كالقتل والاعتقال مثل ما حدث مع شيرين أبو عاقلة على يد الجيش الإسرائيلي في مايو/أيار 2022.

من وجهة نظر بن سلمان، لا يجب أن تكون قضية خاشقجي والقضايا المتعلقة بحقوق الإنسان على جدول الأعمال لأن المال في النهاية يحل كل شيء.

ومع ذلك، بينما يدعو الغرب إلى مقاطعة السعوديين، فإن الصمت الذي يسود العالم العربي على استراتيجية ولي العهد للتعتيم على أخطائه هو سيد الموقف، قلة هم الذين ينتقدونه من الشخصيات العامة، لقد أدى رفض فيروز للأداء في المملكة العربية السعودية إلى فتح صدع في جدار الصمت هذا وشكل تحديًا للعديد من الفنانين من العالم وخاصة العربي الذين يتعاونون بشكل أساسي مع النظام السعودي.

الغالبية العظمى من الفنانين لا يقولون “لا” لمحمد بن سلمان، لكن فيروز أثبتت أنه يوجد من يستطيع أن يمارس قوة وتأثير المشاهير لإبعاد نفسه عن النظام في وقت يتهافت الكثيرون إلى الرياض لملء جيوبهم بالدولارات.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى