صحافة عالمية

الغارديان: مخاوف في الغرب من تعميق العلاقات بين روسيا والسعودية وتأثير ذلك على حقوق الإنسان

ترجمة عن صحيفة الغارديان

كلاهما شن حروبصا في البلدان المجاورة، ويمتلك نفوذاً كبيراً على أسواق النفط والطاقة، ومن المعروف أنهما لا يسمحان بأي معارضة، ويحلمان بتسطير اسمهما في التاريخ… نقاط كثيرة مشتركة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبين الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية محمد بن سلمان.

بعد قرابة ثمانية أشهر من الغزو الروسي لأوكرانيا، وصلت العلاقات بين الرياض وموسكو إلى منطقة متقدمة، وبقدر ما تُضاعف معظم دول أوروبا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة من محاولاتها لمحاربة زعيم روسي يزداد تهديدًا وخطورة، فقد اختار الأمير محمد بدلاً من ذلك تعميق العلاقات معه رغم انتقاد ذلك من حلفائه في الغرب.

اجتماع منظمة “أوبك +” في فيينا يوم الأربعاء هو أحدث مَعلم في علاقة متنامية تتحدى بشكل متزايد مطالب حلفاء الرياض، وتمنح بوتين الراحة في منعطف حرج من الحرب، إذ من المرجح أن يسعى كلا البلدين إلى رفع أسعار النفط عن طريق خفض الإمدادات العالمية بمقدار 1-2 مليون برميل يوميًا.

تأتي مثل هذه الخطوة في أعقاب انقطاع واسع النطاق لإمدادات الغاز إلى أوروبا بسبب الحرب والتنبؤ بتفاقم أزمة أمن الطاقة مع اقتراب فصل الشتاء “البارد”، كما أنه سيعزل واشنطن، الحليف الذي حاول تحسين العلاقات مع الرياض من أجل تقليل ضغوط الإمداد عبر فتح الصمامات لخزاناتها الهائلة.

بدلاً من ذلك، وجد جو بايدن نفسه يحدق في شريك في الشرق الأوسط كان قد زاره شخصيًا خلال الصيف حيث أصبح حجم أزمة الإمدادات واضحًا، عاد بايدن خالي الوفاض، ونتيجة لذلك، يواجه احتمالية “مقلقة” تتمثل في رفع أسعار العربات إلى وقت انتخابات التجديد النصفي، ولعل الأهم بالنسبة لرئيس الولايات المتحدة هو أن ارتفاع أسعار النفط يمكن أن يُنظر إليه على أنه يساعد في تمويل جهود بوتين الحربية.

قال روبن ميلز، الرئيس التنفيذي لشركة Qamar للطاقة: “كانت الإدارات السعودية السابقة أكثر حساسية لمشاعر الولايات المتحدة، مع ذلك، كانت ستفعل تلك الإدارات ما يفعله بن سلمان الآن… لطالما فعلت السعودية ما تريده فيما يتعلق بالنفط”.

ظهرت علامة أخرى على تعميق الروابط بين موسكو والرياض الشهر الماضي عندما توسط دبلوماسيون سعوديون، في لحظة نادرة من الدبلوماسية العالمية، لإطلاق سراح سجناء دوليين، بينهم خمسة بريطانيين، تم أسرهم خلال القتال داخل أوكرانيا.

هذه العملية كانت “شبه مستحيلة” الحدوث، لكن بوتين قرر منح الرياض هذه الفرصة من أجل تعزيز مكانتها على المسرح العالمي من جهة، ومن جهة أخرى لتعزيز العلاقات بينهما.

قال مسؤول بريطاني مطلع على الديناميكيات السياسية: “كانت هذه هدية من بوتين لمحمد بن سلمان… أراد بوتين أن يحدث ذلك، وأراد أن يبدو الأمر كما لو أن السعوديين قد حققوا ذلك من خلال الدبلوماسية”.

بعد أربع سنوات من التداعيات العالمية لاغتيال المعارض والصحفي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول على يد مساعدين أمنيين للأمير محمد بن سلمان، بدأ وريث العرش السعودي في العودة للحظيرة الدولية من جديد، في وقت لم تتوقف محاولاته لوضع المملكة كقوة إقليمية ومحرك عالمي.

لم يدين المسؤولون السعوديون غزو بوتين، ولم تتدخل موسكو في غزو السعودية لليمن على مدى السنوات الخمس الماضية، وهي الحرب التي تسببت في أسوأ كارثة إنسانية في التاريخ الحديث وحولت اليمن إلى أفقر دولة في العالم.

حذرت المنظمات غير الحكومية هذا الأسبوع من أن عدم تجديد وقف إطلاق النار في اليمن سيؤدي إلى تفاقم معاناة الملايين، في المقابل، لم يكن الدمار الشامل والمعاناة الإنسانية في أوكرانيا محط تركيز الخطاب السعودي، ما يعني أن الأمير محمد بن سلمان غير منزعج من إعادة اتباع بوتين لقومية الدم والتربة ومحاولة استعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي المفقودة، في إشارة إلى رغبته في محاكاة الطاغية الروسي المخضرم، بقومية الدم والنفط الخاصة به.

الجدير بالذكر أنه في عام 2016، حين كان الأمير محمد لا يزال نائب وزير الدفاع، استدعى دبلوماسيين بريطانيين، من بينهم كبار ضباط MI6 ، إلى الرياض، وكان الغرض الوحيد من الاجتماع هو طلب مشورة المملكة المتحدة حول كيفية التعامل مع بوتين.

وحول ذلك اللقاء، قال أحد البريطانيين لصحيفة الأوبزرفر بعد عدة سنوات: “لقد كان مفتونًا به… بدا معجبًا به جدًا… لقد أحب ما فعله “.

في السنوات التي تلت ذلك، جاء الأمير محمد بن سلمان ليحاكي بوتين الذي درس تصرفاته بعناية، شن حملته القمعية على المعارضة، وبدأ في التأسيس لدولة بوليسية سعودية، يؤمنها من خلال السيطرة على المنشقين، واستمالة الأوليغارشية وتعزيز سلطته على البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى