السعودية: القصة الكاملة لمعاناة عائلة الدويش على يد النظام
ترجمة عن فير أوبزرفر
في الوقت الذي يحاول فيه نشطاء حقوق الإنسان في تسليط الضوء على انتهاكات النظام السعودي تحت قيادة ولي العهد محمد بن سلمان، على أمل أن يتم وضع حد لهذه للجرائم، يستمر الأمير الشاب في التمتع بالحصانة الدولية لانتهاكاته التي تم شرعنتها بعد زيارة بايدن للمملكة منتصف الشهر الماضي سعياً للحصول على أسعار مخفضة للنفط.
ضمن ضحايا النظام السعودي، نستعرض اليوم القصة المأساوية لعائلة الداعية سليمان الدويش، المختفي قسرياً داخل السجون السعودية مع أبنائه الذين اعتقلوا واحداً تلو الآخر بسبب مناشداتهم الجهات المعنية لإجلاء مصيره والإفراج عنه.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، نشرت منظمة القسط الحقوقية -ومقرها لندن- تقريراً مفصلاً عن محنة الداعية سليمان الدويش ونجله عبد الوهاب، على يد الأجهزة الأمنية منذ اعتقال الأب عام 2016.
جاء في بيان منظمة القسط:
علمت القسط عن تجدد اعتقال عبد الوهاب الدويش في يوم 14 أغسطس 2021، وعبدالوهاب نجل الداعيةسليمان الدويش المختفي قسريًّا منذ 2016. وكان عبد الوهاب الذي اعتقل سابقًا في يونيو 2017، قد تلقى اتصالًا من السلطات السعودية تطلب منه الذهاب إلى كلية نايف ا للأمن الوطني في الرياض، بحجة نزع السوار الأمني الموضوع في رجله، ولكنه ما أن وصل للكلية، حتى أُخبر بأنه يتعين عليه قضاء ما تبقى من فترة حكمه في السجن، التي تصل إلى ثمانية أشهر.
عبد الوهاب الدويش اعتقل ابتداءً في 2017 بعد جدال له مع أحد المسؤولين في وزارة الداخلية، إثر مراجعته للمسؤول من أجل إطلاق سراح والده، وفي خضم الجدال قال عبد الوهاب للمسؤول: “والدنا عزيز علينا، إما أن تطلقوا سراحه أو تسجنونا معه”. في اليوم التالي، حاصرت عدد من السيارات المدنية منزل عائلة سليمان الدويش، حيث يعيش جميع أبناءه، ومن ثم اعتقلت عبد الوهاب وأخفته قسريا لمدة ثلاثة أشهر، وتمكنت عائلته بعد تلك المدة من زيارته في السجن، وكانت آثار التعذيب واضحة عليه، حيث أفاد مصدر للقسط أن عبد الوهاب تم تعذيبه لمدة ثلاثة أشهر وانتزعت منه اعترافات تحت التعذيب، وبعد سوء حالته الصحية، تم تحويله إلى مستشفى السجن لتلقي العلاج قبل أن يتم إعادته مجددا للسجن.
وُجهت عددٌ من التهم إلى عبد الوهاب لاحقًا وتم تحويله إلى المحكمة، وكان من بين هذه التهم: تأييد داعش وحمل أفكار متطرفة، بالرغم من عدم تقديم الادعاء العام ما يثبت ذلك. وقد أطلق سراحه قبل بدء محاكمته في مارس 2018، لتحكم عليه المحكمة الجزائية المتخصصة في سبتمبر 2020، بالسجن لمدة ثلاث سنوات وستة أشهر، مع وقف تنفيذ سنة وستة أشهر، يتلوها منعه من السفر لمدة مماثلة.
ولا تزال القسط لا تعلم مكان اعتقال عبد الوهاب الأخير، وما إذا كان الاعتقال مرتبطًا بالقضية السابقة أم أنه انتقامًا من تقرير نشر في صحيفة “وول ستريت جورنال” في مايو الماضي، وتدعو القسط السلطات السعودية إلى إطلاق سراح عبد الوهاب فورًا ودون شروط وإسقاط كافة التهم عنه.
****
بحسب مصادر مطلعة، فإن الشيخ سليمان الدويش مثل أمام محمد بن سلمان وهو مقيداً بالسلاسل وتعرض للضرب على يد ولي العهد شخصياً. كان رجل الدين من أشد المؤيدين للأسرة الحاكمة، لكنه خسر بشكل مذهل في عام 2016 بعد أن نشر سلسلة من التغريدات ينتقد فيها بعض سياسات النظام الحالي.
يصف رمزي قيس في كتاباته لمنظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن (DAWN) ومقرها واشنطن ما حدث لسليمان الدويش بالتفصيل، حيث قال:
“في التغريدات التي تسببت في اختطافه، تحدث الدويش عن مخاطر قيام بعض الأفراد ذوي النفوذ بمنح أبنائهم المدللين صلاحيات واسعة وسلطة للقيادة بحرية تامة دون مساءلة ورقابة … لم يذكر الدويش صراحة أن المقصود هو الملك سلمان وابنه محمد، الذي كان في ذلك الوقت يكتسب قوة سياسية جديدة بعد أن عينه والده قبل عام وزيراً للدفاع ونائباً لولي العهد قبل أن يصبح شخصياً ولي العهد في 2017.
اختفى الدويش بعد اعتقاله في مكة… وفقًا لشاهد عيان، سرعان ما تم نقله جواً إلى الرياض، حيث تم تقييد يديه بالسلاسل ونقله إلى مكتب محمد بن سلمان… وفقًا لمصادر منظمة منا لحقوق الإنسان MENA Rights Group، أجبر محمد بن سلمان الدويش على الجلوس على ركبتيه وبدأ في الاعتداء عليه شخصيًا: وبخه بسبب تغريداته، لكمه في صدره وحنجرته، ثم بدأ الدويش في النزيف بغزارة من فمه حتى فقد وعيه.
بعد ذلك احتُجز الدويش في مركز احتجاز غير رسمي يقع في قبو قصر ملكي في الرياض، ووفقًا لمصادر منظمة القسط، فقد تم استخدام الطابق السفلي من هذا القصر لسجن وتعذيب كبار المسؤولين السعوديين والأعضاء المنافسين من العائلة المالكة، على يد حاشية محمد بن سلمان، مثل ماهر المطرب وسعود القحطاني، وهما عضوان في فريق الاغتيال الشهير “فرقة النمر” المسؤول عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي ومعارضين سعوديين آخرين، حيث تقول المصادر إنهما كانا مسؤولين عن إدارة السجن السري وأشرفوا شخصيًا على تعذيب الدويش. “
ابن مدلل لا يهوى إلا الدم
لا تزال الدعوات الحقوقية تتصاعد من أجل إجلاء مصير سليمان الدويش وأبنائه، لكن كما هو الحال مع القضايا الأخرى، لن يلتفت محمد بن سلمان ونظامه القضائي المسيس إلى الدعوة، خاصة وأن الحكومات الغربية نفسها اختارت تجاهل انتهاكاته المتعددة، التي كان أشهرها هو الأمر بقتل جمال خاشقجي.
على الرغم من أن إدارة بايدن تزعم أن الرئيس الأمريكي أثار قضية خاشقجي وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى مع ولي العهد خلال لقائه معه، فقد جادل نشطاء حقوق الإنسان بأن كل ما حققه بايدن من خلال اجتماعه مع محمد بن سلمان هو منح ولي العهد الشجاعة لارتكاب المزيد من الانتهاكات.
بعد زيارة بايدن بحوالي شهر، حُكم على طالبة دكتوراه سعودية تدرس في جامعة ليدز بالسجن لمدة 34 عاماً، حيث كانت جريمتها – في نظر النظام- هي نشر تعليقات تنتقد النظام على موقع تويتر.
كانت سلمى الشهاب قد عادت إلى المملكة في إجازة عندما تم القبض عليها، وفي 9 أغسطس/آب الجاري، حكمت محكمة الاستئناف على المرأة البالغة من العمر 34 عامًا وهي أم لطفلين صغيرين بالسجن 34 عاماً، مع حظر من السفر لمدة مماثلة.
يُذكر أنه في 15 أغسطس/آب الجاري، كشفت تقارير حقوقية أن السعودية نفذت عملية 120 إعداماً خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2022، من بينها 81 حالة في يوم واحد، هذا هو الرقم الأكبر في تاريخ المملكة، وكذلك هذا الرقم أكبر من إجمالي عدد الإعدامات في العامين الماضيين، مما يؤكد أن وعود السعودية بالحد من الإعدامات ما هي إلا محض أكاذيب.