“اسكتِ لعلك تربين أبنائك”.. تهديدات لزوجته بوقف التحدث عن مأساته… أين المعتقل محمد القحطاني؟

مر عام ونصف على انقطاع أخبار الأكاديمي السعودي المعتقل محمد فهد القحطاني، ورغم استغاثات العائلة وعشرات المنظمات الحقوقية، إلا أن السلطات السعودية ترفض تقديم أي معلومة حول أسباب ومكان اعتقاله، بل أرسل النظام تهديدات مباشرة بالقتل لزوجته المقيمة بالخارج إن لم تتوقف عن الحديث عنه والمطالبة بإجلاء مصيره.

وفي رسالة مصورة سردت زوجة الدكتور محمد القحطاني سوء المعاملة والتعسف الذي واجهته من قبل المسؤولين في المملكة العربية السعودية، والتهديدات التي طالتها حتى وهي خارج البلاد، إذ اتصل بها أحد المسؤولين وطلب منها التوقف عن الحديث عن قضية زوجها، وقال لها نصًا “اسكتِ لعلك تربين أبنائك”.

قبل اختفائه في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2022 كان الدكتور محمد القحطاني نزيلًا في سجن إصلاحية الحاير، وكان يعاني من سوء معاملة ومضايقات متكررة من إدارة السجن وبعض أفراد الأمن، وقد طلب من زوجته في اتصال هاتفي أن تتقدم بشكوى ضدهم، لكن المسؤول عن السنترال في مقر الاحتجاز قطع المكالمة بصورة تعسفية وبدأت بعدها رحلة من التنكيل المضاعف مع زوجها حتى انقطعت أخباره.

طوال فترة اختفاءه -المستمرة حتى الآن- حاولت السيدة مها القحطاني زوجة الدكتور محمد القحطاني الاتصال بالجهات المعنية للاستفسار عن وضع زوجها القانوني والصحي، خاصة وأنه كان يعاني من مشكلات صحية قبل اختفائه مباشرة وبحاجة إلى ظروف معيشية خاصة، لكن جواب السلطات السعودية كان التجاهل التام.

ما زاد من مخاوف العائلة ما حدث في 23 يوليو/تموز 2023، حين اتصلوا بإدارة السجن للسؤال مجددًا عن الدكتور القحطاني، وبتحويلهم إلى قسم الاستفسارات، جاء الرد بأن “اسمه ورقم هويته غير مسجلين في النظام من الأساس.”

اللافت للنظر أن هذا الرد جاء بعد أشهر من الاستغاثات والاتصالات المتكررة، كان آخرها كان في يونيو/حزيران 2023، حين طلب منهم مدير السجن عدم الاتصال بهم مرة أخرى، مضيفًا أنه إذا “سيعاود الاتصال بهم قريبًا.”

منذ بداية حبسه تعرض القحطاني لجملة من الانتهاكات القانونية والحقوقية التي تتنافى مع أي مواثيق أو معاهدات دولية أو محلية، هذه الانتهاكات دفعته للدخول في إضراب كلي عن الطعام أكثر من مرة احتجاجًا على الأوضاع التي لم تتحسن أبدًا، وبدلًا من الاستجابة لمطالبه كان النظام السعودي يفرط في التنكيل به وبزملائه السجناء الذين يقررون الاحتجاج على الأوضاع بأي وسيلة سلمية مناسبة.

اعتقل القحطاني – الأستاذ السابق في معهد الرياض للدراسات الدبلوماسية- عام 2012 رفقة عدد كبير من مؤسسي منظمة “حسم” وهو اختصار لـ “الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية”، والتي كانت تدعو إلى تنفيذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة في المملكة العربية السعودية، فضلاً عن نظام ملكي دستوري مع برلمان منتخب، إلى جانب إنشاء منظمات قانونية شفافة وخاضعة للمساءلة.

السلطات السعودية اعتبرت هذه الدعوات انتهاكًا للقانون وقررت معاقبة مؤسسي الجمعية وحكم عليهم بالسجن بعد عام تقريبًا من محاكمة جائرة وجلسات سرية، وكانت عقوبة القحطاني السجن لمدة عشر سنوات بالإضافة إلى حظر السفر لمدة مماثلة.

يُشار إلى أن الدكتور القحطاني أعلن عن إضرابه عن الطعام أكثر من مرة اعتراضًا على أوضاع الاحتجاز السيئة التي يعاني منها داخل محبسه والتي ساهمت في تدهور حالته الصحية نظرًا لتعنت إدارة السجن في انتهاج سياسة الإهمال الطبي في التعامل مع معتقلي الرأي.

منظمة معًا من أجل العدالة تعلن تضامنها الكامل مع أسرة القحطاني، وتطالب السلطات في المملكة العربية السعودية بالشفافية والتواصل مع أهله من أجل الاطمئنان على سلامته، وتوفير الرعاية الصحية المناسبة له ولكافة معتقلي الرأي وحقوق الإنسان داخل السعودية، والإفراج الفوري عنه إذ لا يوجد مسوغ قانوني لاستمرار اعتقاله الذي لم يكن قانونيًا منذ البداية.

الجدير بالذكر أن محكومية الدكتور محمد القحطاني، الإصلاحي السعودي ومعتقل الرأي البارز، انتهت منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أي بعد اختفائه بشهر، لكن بدلًا من أن يفارق زنزانته إلى الشارع، فارقها إلى ظلمات سجن آخر لا يعلم مكانه أحد، في انتهاك آخر إلى جملة الانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب بحقه منذ اليوم الأول لاعتقاله قبل أكثر من 11 سنة.